بيان رابطة دعاة الكويت حول: مجازر حلب الشهباء

26 رجب 1437ه الموافق 3 مايو 2016م

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

آلام مبرحة، ومحن مفجعة، يعيشها أهلنا أهل الشام، حلب وحمص ومضايا وبابا عمرو وغيرها ………

مآذن الشام تبكي إذ تعانقني ==  وللمآذن كالأشجــار أرواح

فاللهم ارحم الشهداء، واحفظ اللهم الأحياء، والطف اللهم بالرضع والخدج الأبرياء، اللهم رحماك رحماك بالثكالى والعجائز والنساء، يا ألله إذا أصبحت الشعوب مغلوبةً على أمرها، ولا تملك إلا أن تنتظر حتفها ومصيرها، يا ألله إذا طغى طغيان الطغاة، وانقلبوا على شعوبهم قتلاً وسفكاً وعداء، وأولغوا في الأنفس ومص الدماء، {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:11 -14].

فمنذ خمس سنوات في سوريا وآلاف القتلى أكثرهم من النساء والصغار، وعشرات الآلاف من المعتقلين والمضطهدين، ومئات الآلاف من الجرحى والمشردين، ولا يمر يوم من الأيام القريبة الماضية إلا والقتلى في حلب الشهباء بالمئات .

فحلب الشهباء والمجد والإباء تتعرض لحرب إبادة، بقصف روسي جوي، وإيراني صاروخي، في ظل حصار صليبي، ما يحدث في سوريا حملة شيوعية صليبية صفوية، تداعوا علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

كل المدن التي تحاصَرُ وتقصَفُ وتحرّق – حلب، مضايا، الفلوجة، تعز، غزة، وغيرها – مدن سنية من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والتي يحاصرها ويقصفها ويحرّقها جيوش صهيونية وصليبية وصفوية وشيوعية.

لا فرق بين المذابح التي يقترفها الصفويون وميليشياتهم الطائفية والحملة الروسية الصليبية والمذابح الصهيوينة في فلسطين، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ في الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال:73].

وكل هذا تحت مظلة ورعاية مجلس الأمن ومحافله الماسونية، ولا غرو ولا عجب فمرجعيتهم الطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به.

وهذه ثلاث رسائل يجب التنبيه عليها، معذرة إلى الله جل وعلا:

الرسالة الأولى: لعموم الأمة:

على الأمة أن تعرف عدوها الذي يتدثر بدثار حقوق الإنسان والحرية وغيرها من الشعارات الزائفة، كلها لا قيمة لها وساقطة تحت أقدام الجيوش التي تسفك دماء المسلمين ظلماً وجوراً وفساداً وإفساداً، وقد أوضح لنا الشارع الكريم طريق الظلمة والمفسدين، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام:55].

فلا ينخدع بهم مؤمن مرتين؛ مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ويجب على الأمة جمعاء أن ينصروا الله بنصرة إخوانهم المستضعفين على أعدائهم من أهل الكفر به؛ لتكون كلمته العليا، فينصركم عليهم، ويظفركم بهم، فإنه ناصر دينه وأولياءه، والجزاء من جنس العمل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}  [محمد:7].

فصاحب المال ينصر بماله، وصاحب القلم ينصر بقلمه، وصاحب المنطق ينصر بكلامه، ولا يعدم المسلم خيراً أن يجد شيئاً يقدمه لإخوانه، ويعينهم على ما يحتاجون إليه.

الرسالة الثانية: للساسة في بلاد الإسلام:

يتوجب عليكم تحمل المسؤولية التاريخية لدفع الاعتداء على إخوانكم في الشام، كلٌ على حسب قدرته، وأقل النصرة أن يُرفع حظر الأسلحة والأموال عن هذا الشعب المكلوم وأن يفك الحصار عن داعميه؛ ليدافع عن نفسه، وإلا فستجدون مغبتها عاجلاً أم آجلاً، وعد الله لا يخلف الله وعده، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنَ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». رواه أبو داود من حديث جابر بن عبد الله وأبي طلحة رضي الله عنهم.

الرسالة الثالثة: لأهلنا الشام:

أما أنتم يا أهلنا في الشام وكل مكلوم على ثراها فقد اختار الله لكم حمل راية الجهاد حتى تفضون إلى موعود الله: الجنة لمن مات على القتال في سبيل الله، والظفر لمن بقي، {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ}  [التوبة:52].

وعليكم أن تأخذوا بأسباب النصر، فمن أعظمها وأهمها الصبر، وهو الثبات التام وإبداء كل مجهود في تحصيل ذلك، والتوكل على الله، والتضرع إليه، والإكثار من ذكره، فمتى اجتمع الأمران على وجه الكمال والتكميل فقد أتى المجاهدون بالأسباب الوحيدة للنصر والفلاح، فليبشروا بنصر الله وليثقوا بوعده، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45].

وعليكم يا قادة المجاهدين باجتماع الكلمة، وقيام الألفة بين المؤمنين، والاتفاق على إقامة دينه، فهذا أقوى القوى المعنوية التي هي الأصل، والقوة المادية تبع لها، والكمال: الجمع بين الأمرين كما أمر الله بذلك في آيات كثيرة، قال شيخ الإسلام: “متى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا؛ فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب”. مجموع الفتاوى، (3/421).

واعلموا أن مع العسر يسراً، وأن لكل شدة نهاية، وأن العاقبة للمتقين، وأَن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين