الحمد لله ألف بين قلوب المؤمنين وجعلهم إخوة متحابين وحذرهم من نزغات الشياطين قال تعالى: ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) والصلاة والسلام على نبينا محمد ﷺ القائل: ( إنَّ الشَّيطانَ قد أيِسَ أن يعبُدَه المصلُّونَ في جزيرةِ العربِ ولَكنْ في التَّحريشِ بينَهم ) رواه مسلم. وبعد..،

قال الله تعالى :
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( آل عمران / ١٠٣ )

تألم كل مخلص غيور محب لدينه ووطنه الكبير – الخليج العربي – من البيان الأخير والمتضمن قرارا بسحب سفراء ثلاث دول خليجية شقيقة من دولة قطر الشقيقة. في وقت حرج وحساس على جميع الأصعدة، نحن فيه بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى ترسيخ مبادئ الأخوة، وتعضيد أواصر الوحدة واللحمة، وتغليب جانب الصبر والتماس الأعذار عند وقوع أي خلاف بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، فالخلاف والشقاق في هذا الوقت يفرح الأعداء، ويقوي من هم للشيطان أولياء، ويحزن الأحبة والأصدقاء. فلازال هناك ممن يتربص بخليجنا الدوائر ويحيك له المكائد ويثير الفتن .

قال الله تعالى : (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال:46].

فواجب على الشعوب الخليجية كافة تقوى الله في أوطانهم، وتغليب لغة الحكمة في خطابهم ومقالاتهم، واستحضار معاني الأخوة والعفو والتجاوز عن الأخطاء، وغض النظر عن الهفوات والزلات، فالذي يجمع بين شعوب الخليج من رابطة الدين واللغة ووحدة الغاية والمصير، أكبر من كل صراع، وكفيل بإذن الله للمساهمة بحل كل خلاف، وشفيع للتجاوز عن كل الخطايا:

وإذا الحبيب جاء بذنب واحد
أتت محاسنه بألف شفيع

إن رابطة دعاة الكويت وهي تؤكد على هذه القيم لتذكر بمزيد من عاطر الثناء والتقدير السياسة الحكيمة لحكومة الكويت في التعامل مع التطورات السياسية التي عصفت بالمنطقة، فمن الموقف الإيجابي من قضية سحب السفراء، حيث استقر الأمر أن أن تكون الكويت رأسا في حل الخلاف وجمع الشمل وتقريب وجهات النظر بدل أن تكون طرفا في النزاع، مرورا بموقفها – حكومة الكويت – من قرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وهي كما لا يخفى على كل متابع من الجماعات الدعوية التي كتب الله على أيدي منتسبيها النفع الكثير لدولهم وشعوبهم، مما أكسبها ثقة الشعوب حكاماً ومحكومين وتقديرهم. فالكل يعلم موقف الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – من جماعة الإخوان، وموقف كبار علماء الأمة وعلى رأسهم الإمام بن باز والعلامة الألباني والعلامة ابن عثيمين – رحمهم الله – حيث نصت أقوالهم على أنها جماعة فيها خير كثير ونفع عميم، وما عليها من مآخذ مغمور في بحر فضائلها، فجاء موقف الحكومة الكويتية مدادا لهذه المواقف.

إن العدل والإنصاف يحتمان علينا الشكر والثناء لحكومة الكويت على مثل هذه المواقف، فكما أن من حقنا على الحكومة سماع صوتنا الناصح إذا زلت وأخفقت، فمن حقها علينا سماع صوتنا المادح إذا أحسنت وأصابت. إن هذين الموقفين الرشيدين للحكومة الكويتية إضافة إلى توجيهات صاحب السمو أمير البلاد – سدده الله – ووجاهته ومكانته في قلوب شعوب المنطقة وحكامها نرجوا أن تتوج بإذابة كل صور الخلاف بين دول مجلس التعاون، وأن تؤول أوضاعنا إلى أفضل مما يطمح له المخلصون فينا. كما نرجو أن تتوج بإعادة جماعة الإخوان إلى موقعها الدعوي وإزالة كل ما يترتب عليه قرار اعتبارها جماعة إرهابية من آثار، تعيق عمل الجماعة بتوجيه المجتمع والأخذ بأيدي الناس إلى ما يصلح أحوالهم فينفع الله بها كما نفع من قبل.

قال تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ).

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.

رابطة دعاة الكويت.